خواطر عائد في زمن النزوح ( ٧)
مصطفى هاترك
توضيح الواضح
كان الشاعر عبد المنعم عبد الحي رحمه الله نموذجا للتنوع الثقافي و الاثني السوداني جذره جنوبي دينكاوي و نشأته أم درمانية و عيشه ثم قبره مصر المنوفية.
أسمر جميل عاجبني لونه… عالي النخيل الما ضقنا ثمره
و ضقنا أصلها ( ذقنا) و أظن أن كثير من أهل السودان لم يتذوقوا ثمر عبد المنعم عبد الحي .
أم درمان هي أم كل السودان التي أنصفها عبد المنعم عبد الحي حين كتب..
أنا (أم درمان) تأمل في ربوعي
أنا (السودان) تمثل في نجوعي
أنا ابن ( الشمال) سكنته قلبي
على ابن( الجنوب) ضميت ضلوعي.
و أنا لست عاقا كي يضيق صدري بأم درمان و أهلها..
أم درمان نهلت منها علمي الأكاديمي و شربت من طرقاتها و ينابيعها و تجولت في ربوعها.. اب روف… ود نوباوي ود أرو… الهجرة… العرضة… و… و.
ربما ظنّ البعض أنّي أكتب عبر هذه الخواطر ما يشي بأني إنما أشكو إزدحاما من ضيوفنا أهل العاصمة ثم إن بعض الظن إثم…
الخرطوم هي الجمال الذي تغنى به و له ذلك القادم من أرض أصحاب العيون الضيقة و العقول الواسعة ، بروف الموسيقى الكوري ذاك الذي وضع لحنا صيغت عليه الكلمات.
باجمال النيل والخرطوم باليل
ياراضعة من نيلين حضنوك من ازمان
ضمخ شذى الياسمين والورد والريحان
عشاق سمر بالليل سحرم جمال النيل
اجمل ليالي هنا لمى القمر يظهر
والونسة تبقى غنا والغنية تتنقل
ونفوت علي ام درمان وهناك نكون اجمل
لو بس تطول ياليل وتزيد جمال النيل.
و الخرطوم نفسها كانت تشكو هذا الزحام الذي أدى إلى تغيرات ديمغرافية جعلت عريق أهلها غرباء و جعلت فئة من مصاصي دماء الإقتصاد و الناس تسيطر على أسواقها و معايشها… هؤلاء هم من يفترشون طرقات ود مدني الآن… هؤلاء هم من يمارسون السمسرة في كل شيء
يتمددون بذات التمدد الطفيلي الذي جعلهم يغادرون الخرطوم و لا أسفا .. ليس بينهم من ترك مصنعا أو مؤسسة إنتاجية و ليس بينهم من يعلم أن شاعر أنا أم درمان هو عبد المنعم عبد الحي … و لا أعمم.
ستعود الخرطوم و ستنهض، ستعود بلادنا أقوى و أجمل، سيذهب الزبد جفاء و سيبقى ما ينفع الناس.