النظر من داخل الزجاجة
شرف الدين محمد الحسن
بينما كنت أحاول أن ألوّح بيدي لمن هم أمامي؛ تقول لي نفسي أنت لا تستطيع ذلك، فأظل أتأمل وأنظر بقلق لمن حولي، ثم أحيانا أحاول الكلام ولكن يأتيني اليقين سريعاً بإلتزام الصمت ، أسرتي تدور حولي و هي لا تدري أنني قد رحلت عنهم، بل لا تصدق أنني في حاجز آخر، أراهم وأسمعهم ولكن لا استطيع التواصل معهم، فأشفق عليهم، تسيل الدموع ولكن يثبتها اليقين،،
هكذا يكون المشهد،،
كثيرا ما أرى سيناريو الانتقال للعالم الآخر، ويكون دائما في سينما الأحلام، خاصة عندما تصطف الأخبار بالنعي لرحيل من نعرفهم او رحيل ذويهم، فتجدها متداخلة عبر تايملاين وسائل التواصل الاجتماعي كعقارب الساعة التي وصفها الشاعر أحمد شوقي : دقات قلب المرء قائلة له أن الحياة دقائق وثواني،،
وعندما أخلد للنوم مع هذا الشريط الذي يمتزج بأحداث الخرطوم أدخل في سينما لأشاهد فيلم رحيلي،، وغالبا هو من تأليفي واسقاطاتي العاطفية والنفسية،،
لا أحد يتصور مشاهد ما بعد الموت إلا يقينا بما عند الله، لكن بالتأكيد عندما يرى الإنسان تداعي الأحداث وزيادة سرعة عجلة الزمن يبدأ في نسج روايته،،
الشاهد في جميع الروايات أن الإنسان في رحلته للعالم الآخر يرى الحياة وكأنه داخل زجاجة مغلقة ومطلية بغشاء يجعلك ترى من الداخل ولا يستطيع أحد أن يراك من الخارج، تلوح بيدك او تحاول الكلام ولكن دون جدوى،،
في أحد أفلام محمد هنيدي يبدأ الفيلم بمشهد يرتكب فيه هنيدي (بلية) خطأ ويتم معاقبته بالإعدام، ويُساق للتنفيذ وهو يبكي ويتحسر على حياته، ومع ضرب عنقه يصحو من النوم ليكتشف أنه حلم، وما هي إلا لحظات يتفقد فيها جسمه ويستوعب أنه حلم، ثم يغني ويرقص ويقول : أنا حي أنا حي أنا حي،،
هكذا يمر المشهد علينا،،
من هذه الزاوية وذلك السيناريو سأحاول كتابة عدة منشورات تعبر عن الرؤية من داخل الزجاجة،،