مرحباً بقصي عبد الحليم سر الختم ..هذا الشبل من ذاك الأسد

الأستاذ عاصم الأمين:
هي أولى السوانح التي تهيأت كي أشكرك عن عمل، قد ترونه صغيراً ونراه كبيراً..، هي فرصة استلقى فيها مقالي على روضة، وفَدّان من أرض جزيرتنا الخضراء، وغردت حروفه على غُصن كان مهبط أجنحة قُدام، تطّلعت لما فوق الثُريا.

الأمر الذي كان حدثاً في دُنياي الصغيرة، ضجّت معه حواسي ورقصت..، أن ترى فكرك وقد كبر ونما ودخل مدارس الأولين وصار يُزامل الناس، ويقف خلّفهم في زير الشعور يستقسمهم “بعدك شقيت ضهرك” ..، الشق الذي هو ندبة جيلي المكلوم، شق استشرى من نصله سمُ مس أوصال الحياة، اضطّربت به معايير الفن والجمال، وتهاوت كل المقومات.

فبقيت أنا وبعض من أدركهم ربي، نتلمس في الظلمات عن بصيص نور، ندفع به ما نُلاقي من سأم، وهفو عظيم إلى ما وراء الرؤى، حتى وجدنا أنفسنا أمام بوابة ضخمة تُسمى الأدب، سُرعان ما أشرعت لنا عن عوالمها، وَدَعتنا لنتجول فيها بضآلة مُهجنا، ورِقة خُلدنا..، نقتات بعض الخواطر، ونقتطف من تلك الحيوات والتجارب ما يوجه سيرنا..، فإذا نشدنا الراحة، وقفنا نختلس التأمل لضامر وأهيف، حَمِيَت الساحة واشرأبت الأعناق لما تَهدّلا..، حتى تدفعنا في الليل رياح، جاءت تعصف من بين الغابة والصحراء..، ثم كان ذاك الحدث، الذي أدرجني في حلم غازلته طويلاً، ثم تبدى لي عياناً في بهاء جزيرتكم..، أنا المُبحر بلا شواطئ تشدني إليها ..

أعود إليكم اليوم وفي يدي طورية ومنجل، وخوف من أن تعدم الأرض رونق النبات، وأن نفقد بدورنا الأرض التي حرثها أجدادي بعقولهم وشاعريتهم، وأترعوها من فيض جباههم المُشعة..، باحثاً عن زاوية صغيرة، أفترش فيها ما أحمل من نصوص وتداعيات، وضوء نقدي يُسلط على أقلام جيلنا، التي برزت وكان لها من الغمامات قطرة فقطرة، على أمل أن يلتفت إليهم العصر وهم فوق الربوع، حيث الشمس ترعى حقول القمح والسُنُط ..
إبنكم قصي عبدالحليم