خرجوا ولم يعودوا

د.سلوى حسن صديق

 

 

مقالات ذات صلة

خرج ولم يعد عبارة كنا نقف عندها حينما نسمعها أو نقرأها في الصحف ونتابعها في المنصات أحياناً فنتأثر لها وللأسباب الإنسانية حولها ونتخيل معها وقعها على الأهل والمعارف ثم ما نلبث قليلاً ريثما ننشر أو نتريث حتي نبشر أن المفقود عاد وعادت معه الابتسامة لاهله وذويه ..عاد كاملا سالماً وربما محفوفاً بعناية اناس طيبين.

كذا كان حال اهل السودان.
لم نسمع يوماً عن الجريمة المنظمة او الاختطاف و الاختفاء القسري في السودان الامن المطمئن حتى داهمنا هؤلاء التتار والذين اضحى الفقد والخروج بعد غزوهم من يوميات الحرب المألوفة وهو خروج نحو المجهول وإلى حيث لا كائنات تمر ..مكان تمارس فيه شريعة الغاب.

جمعتني قبل أيام صدفة بأسرة أحد المفقودين فوجدت حالهم قد تبدل.. أعينهم مبيضة من الحزن و جفونهم غائرة كأنهم عادوا للتو من كوكب اخر.
حقيقة لا مجال لسؤالهم أو الإستفسار لانهم هم انفسهم لا يعلمون.

كل شئ تحت هذه اللافتة مجهول، عنوان المفقود، صحته من سقمه، وجوده من عدمه،او كما قالوا… ينتظرون فرجاً من السماء لا غيرها.. وحتى اذا وفقوا وعرفوا مكانه لا يستطيع اغلبهم دفع الفدية, وهكذا تتبدد الاحلام..وتستنزف الانفس فتكاً وترويعاً

وما بين الصبر واليقين تمر الايام مثقلة وحبلي لاينقطع فيها الرجاء ولكن تنغص عيشهم الأخبار المتداولة وتقطع أكبادهم سيرة المفقودين ووصف حالهم ومألهم..

الاختفاء القسري في حرب السودان والذي تعدت أرقامه عشرات الآلاف حالة إنسانية حرجة لا تقل عن يوميات الحرب والأعتداء الاثم المباشر والقتل والتنكيل .

المؤلم فيها أنها إعتداء على مواطنين ابرياء ليسوا بمقاتلين بل مسالمين غدر بهم البغاة فاخرجوهم من ديارهم , اغلبهم تم اخراجهم بقوة السلاح واقتيدوا نحو مصير مجهول تحت حراسة عدو حاقد غريب الأطوار.

السؤال الذي يتردد في الأصداء اين المنظمات الانسانية الوطنية؟ لماذا لم تجعل من هذه القضية همها الأول وتحولها لقضية رأي عام وهي أولوية من أولويات الحرب القصوى لأن الأسر لا تستطيع ان تفصح خوفا من البطش وإزدياد الضحايا في الاسرة الواحدة خاصة وأن أغلب الضحايا هم أربابها الذين بفقدهم فقد الأهل عائلهم.

أوجب واجبات منظمات حقوق الإنسان الوطنية أن تتبني حال هذه الأسر التي فقدت ابناءها وبناتها وللمعلومية من بين المفقودين نساء فيهن قاصرات.

اما المنظمات الإنسانية الاقليمية و العالمية فلا ينتظر منها شئ وهي تغض الطرف عن كل شيء في لؤم غريب، وقد.كشفتها حرب السودان أو كما سماها الأستاذ عادل الحرب الكاشفة..
كل شئ تم لاهل السودان تحت اعين وبصر هذا العالم المتواطئ، فلا ننتظر منهم ولا نرجو املاً او حقوقاً تسترد بهم.
يحزنني حد الفحيعة ان تكون هنالك أحزاب ومنظمات سودانية حقوقية وأفراد سودانيون يتبنون رؤي الجنجويد حد التطابق ويدافعون عنهم ويجتهدون ليجدوا التبرير والعذر لما يفعلونه.

لا أدرى كيف يتعايش هؤلاء مع ضمائرهم أن كانت لهم في الاصل ..ومهما كانت دوافع التأييد أو التغطية فهي لا تصمد امام عدم ادانتهم لما يحدث لأهلهم وبني جلدتهم.

ولو كنت مكان حامل قلم العدالة في السودان لأضفتهم إلى قائمة الخونة وهو وصف يليق بمن يتنكر لبلده ويصم أذنيه و يغلق عينيه عما يفعله الغزاة بل ويصر مستكبراً كأن لم يسمع أو يرى ولكن سبحان القائل ( فانها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور ) الحج الاية٤٦
سيجبر الله خواطر أهل السودان وسيمحو هذا الكرب.

ولكن تظل بصمة الخيانة تلاحق هؤلاء المغرر بهم من اهل السودان غير الأوفياء علي مر التاريخ,
و ما اقساها من عبارة حينما قالها العارفون وهم الادرى بمدلولها وكنهها .. (التاريخ لا يرحم… )
حقاً لن يرحمهم التاريخ ولو تدثروا بالكعبة وربها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى