أنا والأشواق في بعدك

بروفيسور عبدالله محمد الأمين

 

 

مقالات ذات صلة

 

نحن السودانيين أمة مسكونة بالحنية والطيبة والإحساس المرهف… ننجرح عميقا من الكلمة القاسية ونتحاشى مشاهد العنف والدماء….لذلك جن جنون البعض وهو يرى هذا القتل والضرب والطرد والتهجير… والدموع كانت وما زالت مبذولة في البيوت.. وفي الشوارع وعلى شاشات التلفزيون… والوجع استوطن الأرواح الشفيفة… ولم تحتمل بعض الأرواح أحزان الفقد والغياب والتشرد فانهارت ورحلت مبكيا عليها.

السوداني الهين ولين.. الوديع وحنين يعاني قلبه من مرارات فقد وتشرد أهله وأحبابه.. يزداد شوقه وحبه وريده للغائبين.. شوق وحب يفوق العد والحد….. وفي غمرة الخلعة من الحرب.. نسينا أن نقول للحبيب: يا مسافر ادلى سيب السفر يلا.. تركناه يسافر مع الأطفال والنساء والمرضى خوفا عليهم فلا هم تهنأوا بالغربة ولا نحن سعدنا بالبقاء في الديار.

كل يوم.. كل ساعة… كل دقيقة..كل ثانية… يقضم الشوق جزءا من قلوبنا ويحيلها إلى أمشاج… ومن نعم الحرب أننا تعلمنا الحب الحقيقي… وعرفنا معنى اللهفة والريد والعذاب وعايشنا ذلك واقعا حقيقياً.

نحن نتألم ونتعذب لحالة الشتات والغياب ولم نكن نتصور أن آهات شعرائنا وغناوي مبدعينا وعذاباتهم سوف تصير يوما هي واقعنا…
أي لحظة بعيدة عنك
ضائعة من عمر الزمن
وكل يوم كان لي في قربك
أتمنى لو يرجع تاني
وروحي غنيتا ليك
ما بتصور ما أعاني
وشوقي ليك أبلغ من غناي
وحبي أسمى من المعاني
أنا والأشواق في بعدك
ياما بقينا أكثر من قرايب
وحيدا تعاني في الطيف وفي الصحيان (ويا حبيبي زورني أنا عيان) جزء من روحك ارتحل عبر البحر.

وجزء آخر تشتت عبر منافي مدن وقرى الوطن والحفر بالإبرة استراتيجية لتحرير الوطن فكم بليون إبرة نحتاجها للعودة للديار وجمع شمل الأسر.

يا ريت النوم يزورني اليوم
نار البعد والغربة
شوقي للأهل والصحبة
شوق لكل جميل في الحي
شوق للشينة لو صعبه
بين اليقظة والأحلام
بين أجفان تقول للناس
يا ريت النوم يزورني اليوم
آهة بتطلع في دمع العين
زفرة بتشعل أنفاسي
آهة بتداوي فينا حنين
وللا الزفرة تجيب ناسي
لو ذكرى بتهدي حنين
لو إنسان صبح قصه
أنا القصة يا (الحبان).

كم دمعة سقطت؟ كم عدد القلوب المكسورة والمفطورة؟ كم عدد العقول التي هشمها قلق التفكير؟ كم طن من العناكب التي استوطنت البيوت؟..

لو تعرفني كم بتعب
بعيد عنك وبتألم
اضيع وأتمنى لو أقدر
وأقول يا ريتني اتعشم
أشوفك بكرة في الموعد
تصور روعة المشهد
للغائبين جسداً.. للحاضرين روحاً وطيفاً وذكريات عطرة…(بحر ريدكم وإنتو بعاد يوماتي بزيد حدو).

و( صحيح بشتاق.. وأفتش ليك.. وأسأل عنك الغيمات.. أريتني الليلة كان بلقاك)…
آهة بتطلع في دمع العين
آهة بتداوي فينا حنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى