شذرات فكرية

د السماني محمد حمد النيل

 

 

هل ستوفي المالية بوعد عقار؟

من المعلوم لدى الجميع أن بلادنا تمر بظرووف بالغة التعقيد بسبب الحرب التي حشد لها اهل الباطل والشر وتجار الموت ضد شعبنا ومؤسسات بلادنا ، هذه الحرب شارفت على العامين وتسببت في قتل وتشريد و نزوح أعداد كبيرة جدا من السكان في عدد من ولايات البلاد ولحق الدمار جميع مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسات التعليم العالي السودانية الحكومية والخاصة منها.

في ظل هذه الظرووف المعقدة وبالرغم من وجود المهددات الأمنية يقوم الأستاذ الجامعي بواجبه في استمرارية العملية التعليمية التي أنتظمت الجامعات السودانية عبر (الإسناد الإلكتروني ) حيث استانفت أغلب الجامعات بالبلاد العملية التعليمية وفتحت مكاتبها بالخارج وقد انخرط الأساتذة في أداء واجبهم تجاه طلابهم بكل تفاني واجتهاد.

يأتي ذلك انطلاقا من إيمانهم بأداء واجبهم تجاه الطلاب في هذه المرحلة الإستثنائية، متجاوزين ازماتهم ومشاكلهم الشخصية ومسؤولياتهم الاسرية سيما وان عددا كبيرا منهم يقيم بعيدا عن اهله وابنائه، ويؤدي دوره في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع وهي مهام الأستاذ الجامعي تجاه الطلاب و المجتمع .

هذه الظروف العصيبة فرضت على الأستاذ الجامعي واقعا مريراً- وهو بالطبع ليس استثناء من بقية فئات المجتمع ولكن رسالته تملى عليه بذل التضحيات والإخلاص في رسالته المعرفية والإصلاحية والتي تخدم وحدة وسيادة الأمة وتحافظ على نبض شرايينها ، لكون قطاع التعليم العالي من القطاعات الحيوية التي تسهم في صياغة حاضر ومستقبل الأمة وتدفع بمبادرات رائدة وبناءة تؤسس للسلم والإستقرار وشحذ الهمم للتنمية والإعمار وتنمية الحس الوطني.

في ظل هذه الظروف العصيبة التي يعيشها الأستاذ الجامعي، وبالرغم من تنامي الصراع واشتداد الحرب ، فقد ظل الأستاذ الجامعي متفانيا في أداء واجبه الأكاديمي على أكمل وجه، دون كلل أو ملل تاسيسا على قدسية رسالة التعليم لكونه مهنة إنسانية ارسل الله بها أنبياءه ليعلموا الأمم.

كل هذا الجهود والتضحيات تقتضي ان تستشعر اجهزة الدولة الرسمية وعلى راسها وزارة المالية – واجبها تجاه الاستاذ الجامعي كشريحة مهمة جابهت تحديات جسيمة في سبيل استدامة العطاء وإيقاد جذوة النشاط في مؤسسات التعليم العالي بالبلاد وذلك بالوفاء بأجر الأستاذ الجامعي كاملاً، سيما وان هذا الأجر لايساوى مصروف خمسة أيام لأسرة صغيرة في ظل التضخم الذي تشهده الأسواق ” اللافت للنظر أن بقية شرائح العاملين في الدولة تأخذ رواتبها مكتملة دون نقص باستثناء الأساتذة والعاملين بالجامعات
فلا أحد يهتم بأمرهم ” فهل تضع الدولة التعليم العالي في آخر سلم اولوياتها !!. ونحن نقدر الظرف الذي تمر به بلادنا والعبء الذي يقع على عاتق السلطات الرسمية بالبلاد بالصرف على الأمن والدفاع ،لكن الإستقرار واستدامة الإنتاج والعطاء هو جهاد عظيم يثبت اركان الدولة ويسد ثغرات كبيرة تدرأ عن البلاد الجمود والتعطيل.

تمنح وزارة المالية حاليا أساتذة التعليم العالي والعاملين به (60%) ستون في المائة من قيمة الراتب الشهري الذي كفلته لهم الدولة(الفصل الاول) واستمر هذا الحال عامان ونيف والأستاذ يلزم الصمت مقدرا للظرووف المعقدة التي تمر البلاد.

ومن المعلوم بالضرورة الظروف المعيشية التي يعانيها الأستاذ الجامعي وحاجة أسرته إلى المأكل والمشرب والملبس والصرف على تعليم ابنائه، والواجبات الإجتماعية في أوساط المجتمع السوداني ” كل ذلك لاتفي به ( 60%) التي يتعاطاها من مرتبه الذي كفلته له الدولة !!.

فضلا عن ارتفاع قيمة إيجار غرفة واحدة في أي مدينة من المدن الإمِنة التي يأوي الاستاذ الجامعي نازحا إليها، وهو لايقل عن خمسمائة ألف جنيه وهذه القيمة لاتساوي مرتبه كله ناهيك عن ال (60%) التي لاتفي حتى باليسير من مطلوبات اسرته .

*شذرة أخيرة*

سبق وان وعدت وزارة المالية مرارا وتكرارا بالوفاء بوعود مسؤولي التعليم العالي، مايؤكد أن وزارة المالية هي من يمانع في الإيفاء بحقوقنا !! وما تضحيات اساتذة الجامعات لتثبت حقوقهم وصولاتهم وجولاتهم لتخقيق ذلك ببعيدة عن الاذهان، ومن تلك المواقف صراع الهيكل الراتبي الذي لم يتم إعتماده حتى هذه اللحظة، و المرتب الذي نتعاطاه الآن تسميه المالية (دعم ) وليست (بند اول) ويمكن سحب هذا الدعم متى ما أرادت ذلك، لأنه لم يكن بند اول ضمن مرتبات وزارة المالية التي يتعاطاها الموظفين في مؤسسات الدولة.

ومع كل تلك المعاناة ، نتفائل بوعد السيد نائب رئيس مجلس السيادة السيد مالك عقار بتكملة اجر الهيكل إلى (100%) في مطلع (العام ٢٠٢٥)م ومايؤكد قوة الوعد ان بمثابة قرار صادر من جهة سيادية، لها المقدرة أن تضع وعدها موضع التنفيذ .

ويظل الهاجس الاكبر هو من (متاريس) وزارة المالية التي ظلت تضعها أمام حقوق الأستاذ الجامعي منذ مطلع ديسمبر (٢٠٢٣)م وحتى هذه اللحظة، لم تطبق القرار الذي صدر من رئاسة مجلس الوزراء والذي بموجبه تم أعتماده الهيكل الراتبي الخاص بأساتذة الجامعات السودانية ومانعت المالية في إعتماده لأمر في نفس يعقوب !!.

*د.السماني محمد حمد النيل – جامعة الجزيرة.*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى