مُدرِّس بنات

د.خالد البلولة

 

 

*خضتُ تجربة التدريس في المدارس الابتدائية (بنين وبنات)، حيث تعاونتُ معلّمًا قبل أن أَلتحق بالجامعة. منحني الأستاذ عثمان الكباشي -رحمه الله- والأستاذ بخيت عثمان -مدَّ الله في أيامه- ثقتهما بأن أدرِّس بعض المقررات في مدرسة البنات، وكانا ينقدانني مبلغًا مقدرًا نظير تشجيعي وتحفيزي.كانت تجربة فريدة في مدرسة البنات(مدرِّسات وطالبات وكنَّ على قدرٍ من التعاون والتشجيع.تعرَّفتُ على مجتمع البنات، وهو مجتمع يحتاج إلى تعامل خاص.

*تعيَّنتُ معلّمًا بوظيفة رسمية في مدرسة ابتدائية تتبع لمحلية الصناعات.وكان مديرها (له الرحمة حيًا أو متوفيًا)نهِمًا في جمع المال من الدروس الخصوصية،ويتعامل مع الطلاب كحصّالة نقود. لذلك، لم تكن بيني وبينه مودة أو لطف، بخلاف وكيله الذي كان رجلاً سمحًا، طيبًا، هيِّنًا ليِّنًا، على نيته. ربنا يتقبله ويرحمه.

*كنتُ أتنقل بين الخرطوم ومنطقة المسيد يوميًا لمواصلة دراستي الجامعية، وظلَّ المدير يضع العراقيل في طريقي. فشرحتُ الأمر لأحد أقربائي،وانتقلتُ بمساعدته إلى ولاية الخرطوم,ألحقني بمدرسة في نمرة (2)،لكنني فضَّلتُ عليها مدرسة المشاة الابتدائية في بانت (داخل الإشلاق)، لأن هدفي كان أن أعمل وأُكمل دراستي الجامعية,كانت المدرسة تقع قريبة من السكن الجامعي وجامعتي، حيث كنتُ طالبًا نظاميًا بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح (قسم الدراما)وطالبًا منتسبًا بمعهد أم درمان العلمي العالي قسم اللغة العربية (جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية لاحقًا).

*تعلمتُ من تجربة التدريس في المدارس الابتدائية أنك تتعامل مع خامة تسهم بدور كبير في تشكيلها. وكان تلاميذ الفصول الدنيا (الأول والثاني وربما الثالث)يرون في المعلم قدوتهم. فالتلميذ يتعامل بصدقٍ مجرد،فإذا اطمأنَّ إليك، بذل لك الود والثقة المطلقة. لذلك،أعتقد أن اختيار المعلمين في المدارس يجب أن يكون بمعايير صارمة لا مجاملة فيها، فأنت مؤتمنٌ على مستقبل أمةٍ بأكملها.

*التلميذ يميز بين المعلم الذي يُوصِّل المادة وبين الذي لا يجيد ذلك. هناك معلمون أذكياء، لكنهم يفتقرون لمهارة توصيل المقرر بطريقة سهلة وسلسة. وقد يكون المعلم غير متمكن تمامًا، لكنه بارعٌ في تبسيط المقرر وتوصيله للتلميذ.
*ساعدني تدريس التلاميذ في تنمية مهارة المحاكاة والتقليد كوسيلة لتوصيل المادة العلمية، خاصة للأطفال الصغار.
تجربة التدريس في المدارس الابتدائية ساعدتني في التدريس الجامعي.إذا نجحتَ في توصيل المادة العلمية لتلميذ في الابتدائية، تستطيع أن تفعل ذلك بسهولة في الجامعة وفي السمنارات والندوات.

*تعدُّ المدارس الابتدائية مسرحًا متكاملاً تستخدم فيه كل مهاراتك الشخصية: الخطابة(استخدام صوتك لتوصيل المادة العلمية)، التقليد (لغة الجسد والتعبير اللفظي)الانضباط (بداية الحصة والانتهاء منها)والتخطيط (تحضير الدرس)ثم يأتي الحصاد عندما تجد تلاميذك قد استوعبوا المقرر.

أشرفتُ على النشاط الثقافي في المدارس التي عملتُ بها، رغم قلّتها،وكان يتمتع الطلاب بمواهب متعددة ولديهم استعداد للمشاركة والتميز لذلك يُحرزون نتائج باهرة في الدورات المدرسية للمرحلة الابتدائية، في مناشط المسرح، والإلقاء الشعري، والمديح.كنا نختار نصوصًا ونلحّنها أو نُسقِط عليها ألحانًا معروفة.

*لاحظتُ من خلال تجربتي المتواضعة أن هناك تلاميذ كانوا متفوقين في دراستهم، لكنهم لم يستمروا في الدراسة لأسباب مختلفة.

*هنا أطرح عدة استفسارات:
•هل الذكاء الفطري يكفي لنجاح التلميذ؟
•هل يحتاج إلى تنمية؟
•هل هناك ذكاء مبكر يضمحل لاحقًا؟
•هل يظهر ذكاء متأخر ثم ينمو؟
•ما هي عوامل تنمية الذكاء عند أطفال المدارس ورياض الأطفال؟
احكوا تجربتكم في المدارس الابتدائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى