مشاهير من ودمدني عاصروا حقبة الانجليز
كتب: بابكر حنتوب
تمر علينا- هذه الأيام الذكرى (68) للاستقلال المجيد
إذ يمر السودان بظروف حرب استثنائية بسبب تمرد المليشيا الإرهابية المتمردة حيث واجه الشعب السوداني تشريدا ونزوحا.. داخل وخارج البلاد ونهبت الممتلكات والأموال.
نسأل الله العلي القدير أن ينصر قواتنا المسلحة في معركة الكرامة وهي تعمل علي استرداد كل شبر من أرض الوطن دنسه الاعداء واسترداد العزة والكرامة لأهل السودان.. وتجيء هذه الذكرى (68) للاستقلال المجيد حيث أعلن الاستقلال الحقيقي للسودان من داخل البرلمان في 19/12/1955م
وبهذه المناسبة التاريخية فقد كان لي لقاء مع المرحوم إبراهيم الشهاوي (رحمة الله عليه……)بمدينة ودمدني والذي كان قد حاورته قبل وفاته بمنزله منذ أكثر من (10) سنوات..وتم نشر الحوار بصحيفة (الجزيرة اليوم) التي كانت تصدر اسبوعياً من وزارة الثقافة والإعلام بولاية الجزير.
ولأهمية ذلك اللقاء قمت في ذات الوقت بتسجيل حلقة اذاعية مماثلة للمرحوم الشهاوي بإذاعة ودمدني للتوثيق.. وذلك بناءً على رغبته الشخصية..لتعم الفائدة.
وللحقيقة اقول فأن اللقاء الصحفي بالشهاوي
تناول العديد من المحاور وجاء بفكرة من الزميلة الدكتورة آمنة الطيب عبدالرحمن التي ابت نفسها الا ان اذهب اليه في بيته بحي سنكات جبرونا بالقرب من مدرسة البنات الغربية الثانوية بودمدني. وقد كان.
فما ان جلست معه حتى بادرني بكوب من عصير البرتقال مرحبا بي في داره وعرفته بنفسي.. ثم بدأنا في اجراء الحوار بسرد الذكريات التاريخية له خلال فترة الحكم البريطاني.
وقال المرحوم الشهاوي في حديثه للصحيفة- كانت لنا مواقف تاريخية في مناهضة الاستعمار الانجليزي- منذ أن كنا طلاباً بالمدرسة الوسطى وعمرنا لايتجاوز الأربعة عشر عاما.. وقد تم طردي وانا طالب بمدرسة مدني الأميرية الوسطى بسبب معارضتي للانجليز.
وحكى لي قصصاً مؤثرة جداً أشهرها أنه في اربعينيات القرن الماضي وبالتحديد في الفترة من 1946 الي 1956م وهي الفترة التي عاصر فيها المرحوم الشهاوي الانجليز.
إذ تم طرده بواسطة مدير المدرسة. وهو طالب آنذاك بالمدرسة الأميرية الوسطى مدني. حيث سافر الي جمهورية مصر العربية بالقطار ليواصل تعليمه هناك رغم صغر سنه فقد كان شجاعاً في وجه المستعمر..فكانت قصته مع المستعمر ان ارسل الحاكم الانجليزي مستر(…… )رسالة عاجلة لمدير المدرسة لتحديد الطالب الذي أحدث ضجة اما الطابور الصباحي الذي شهده الحاكم على ان يتم فصله في الحال.. فأستجاب مدير المدرسة لطلب الحاكم وقام بفصل الطالب الشهاوي من المدرسة عقابا على تصرفه أثناء وجود الحاكم بالمدرسة.
وواصل الشهاوي مواقفه.. وقال إن الحاكم أثناء تحركاته اليومية داخل مدينة مدني كان يستغل حصانا يطوف به حول السوق الكبير ولم تكن الشوارع بها غير عربة واحدة وهي عربة الحاكم نفسه.
ولكن الحاكم اعتاد على ركوب الخيل كرمز للقوة فكان يجوب الشوارع متبخترا
وكيف كان الحاكم يتباهي (بالعلم) الانجليزي
وهذا ما يغيظنا..(بحسب رواية المرحوم الشهاوي؛ عليه رحمة الله) . حتى يصل الحاكم الانجليزي لمقر عمله بحكومة الولاية وهو المبنى الحالي لامانة حكومة ولاية الجزيرة.. الذي تم انشاؤه خلال تلك الفترة. وما زال يقف هذا المبنى شامخا حتى اليوم.
وقال المرحوم الشهاوي إن مباني ادارة مشروع الجزيرة والري وأمانة الحكومة وغيرها من المنازل الحكومية؛ تعتبر من أقدم المباني التي شيدها الانجليز في عهدهم ولازالت تقف شامخة الي يومنا هذا. بل وتحافظ على قوتها وصلابتها.
كذلك روى لي الشهاوي َمواقف أحزاب وشخصيات بارزة في مجتمع المدينة كانت تعقد اجتماعاتها السرية بودمدني..وكانت ذات صلة بمطابع الخرطوم. وكيف كانت تواجه تلك الاجتماعات بتحديات من المستعمر البغيض.
كما تحدث المرحوم الشهاوي عن مؤتمر الخريجين…وكيف كانت مدني آنذاك تعج بالعباقرة من أبناء مدني الذين تصدوا للإستعمار حتى تحقق الاستقلال الحقيقي للبلاد في 1/1/1956م هذا اليوم التاريخي الذي تم فيه رفع (علم السودان) وإنزال العلم الإنجليزي.