حرية التعبير والأمن القومي
د. خالد يوسف بكري
* قبل الولوج في هذا الموضوع، لا بد من طرح سؤال مهم، وهو : متى يسمى الرأي رأيا؟ والإجابة على هذا السؤال تخلصنا من معضلات كثيرة وشائكة.
* إذا لا بد من توضيح قاعدة مهمة في الرأي، وهي : أن الرأي لا يسمى رأيا إلا بشرطين: أولهما: أن يكون ذلك ( الرأي ) بعد فكرة وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب، مما تتعارض فيه أوجه الأشياء وحقائقها، فلا يقال لمن رأى بقلبه أمرا غائبا عنه مما يحس به أنه رأيه.
– ثانيهما: أن يكون ( الرأي ) فيما تتعارض فيه وجهات النظر، وتختلف في إدراكه العقول، فلا يقال للأمر المعقول الذي لا تختلف فيه العقول، ولا تتعارض فيه أوجه الأشياء : إنه رأي.
* ولا يمنع الناس من التعبير عن آرائهم فيما يجري حولهم في السياسة والاقتصاد ، والمسائل الاجتماعية، ولا يمنع من الكلام في نقد الأخطاء ، ونصح المخطئين ، وكل ذلك ينبغي أن يكون مقيَّداً بشروط الشرع ، وآدابه ، فلا تهييج للعامة ، ولا دعوة للفوضى ، ولا اتهام للأبرياء ، ولا قذف للأعراض ، وغير ذلك مما هو معروف من ألاحكام التي تضبط هذه المسائل.
* فمن المعلوم أن كل من يتناول موضوع حرية التعبير وإبداء الرأي من العقلاء والحكماء يقف بها عند حدٍّ يراه ضروريا لمنع الفساد والخلل العام، فمنهم من يرى تقييدها بالعرف والذوق الاجتماعي العام.
* ومنهم من يقيدها بالقانون المعمول به في هذه البلد أو تلك، ومنهم من لا يقف بها إلا عند الاصطدام بحرية الآخرين.
* والمقصود أن العقلاء كادوا أن يتفقوا على أن الحرية لابد من تقييدها بقيد، فالحرية بإطلاق لا تعني إلا الفساد بإطلاق!!
* وإذا كان ذلك فكل أمة تقيد الحريات في مجتمعاتها بما يتناسب مع دينها ومعتقداتها وأعرافها ومصالح شعبها.
* فمن المقرر به عالميا أن الحق في حرية التعبير هو حق إنساني له أكبر قدر من الأهمية.
* فحرية التعبير هي مفتاح الإنسان لحقوقه الأساسية وكرامته.
* ومن المتعارف عليه عالميا أن هذا الحق ليس حقا مطلقا وأن كل نظام قائم، أسس قيودا على حرية التعبير خاصة عندما يتعلق ذلك بأمنها القومي.
* كما أن حرية التعبير في ظل الحرب تعد محفزاً أساسياً لتحقيق الشفافية والمساءلة في المؤسسات العامة.
* وتلعب دوراً حاسماً في توعية المواطنين ورفع مستوى وعيهم، ووسائل الإعلام تعمل كآلية مهمة لإظهار الحقائق ونشر المعلومات بصورة مفتوحة وشفافة في المؤسسات العامة.
* حيث تعمل وسائل الإعلام المستقلة على إطلاع الجمهور على القرارات المهمة التي تؤثر في حياتهم، وفي ظل وجود وسائل إعلام قوية وحرة، تعزز المساءلة والشفافية وتحسن جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
* وفي ظل الحرب تلعب حرية التعبير دوراً حاسماً في توعية المواطنين ورفع وعيهم حول القضايا السياسية والإقتصادية والاجتماعية.
* ووسائل الإعلام تزود المواطنين بالمعلومات والتحليلات الكاملة والمتوازنة، مما يمكنهم من اتخاذ قرارات سليمة والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية والمجتمعية.
* إن أكثر ما يميز دول العالم اليوم هو سن القوانين التي تحمي الدولة والفرد، وبالتالي لا الدولة تستغل غياب القوانين بقمع حرية التعبير ولا الأفراد يستغلون غياب القانون لخدمة أغراضهم الشخصية باسم الحرية.
* والواجب نص قوانين واضحة ودقيقة في الاتفاقات المحلية والدولية فيما يتعلق بحرية التعبير والصحافة في حالة اصطدامها بالأمن القومي.