إلى أصحاب الأعذار في رمضان

د. خالد يوسف بكري

 

 

* من تيسير الله لعباده أنه لم يفرض الصيام إلا على من يطيقه ، وأباح الفطر لمن لم يستطع الصوم لعذر شرعي.

* فالشَّريعة الإسلاميَّة تقوم على التَّيسير ورفع الحرج ويدلُّ على ذلك قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة:185).

* قال الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله: “فهذه الآية أصل القاعدة الكبرى التي تقوم عليها تكاليف هذه الشريعة”.

* فالله عز وجل قال : { شَهۡرُ رَمَضَانَ} {البقرة : 185} ولم يقل شهر الصيام، لأن هنالك من لا يستطع الصوم، لذلك قال سبحانه: { أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَ ٰ⁠تࣲۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُۥ فِدۡیَةࣱ طَعَامُ مِسۡكِینࣲۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَیۡرࣰا فَهُوَ خَیۡرࣱ لَّه} [ البَقَرَةِ: ١٨٤].

* فإن كنت عاجزًا عن صيام رمضان ولم تتمكن من صيام هذا الشهر ، وكنت حال صحتك محافظًا على صيام رمضان فنرجو الله لك أن تؤجر بصيام شهر رمضان كاملاً، وإن لم تصم فيه يوماً واحداً.

* ففي البخاري ومسند أحمد وسنن البيهقي وغيرهم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا.

* قال الحافظ في الفتح في شرح هذا الحديث: ( وهو في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها، كما ورد ذلك صريحًا عند أبي داود.

* ولك ياصاحب العذر أن تصلي التراويح في جماعة، فصلاة التراويح سنة مستحبة، ومن تركها فقد فاته خير عظيم في هذا الشهر المبارك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الأربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).

* ولا فرق في هذا بين من يقدر على الصيام وغيره، فليست التراويح مشروعة في حق من يصوم دون غيره كما يتصور بعض الناس.
* فقوله – صلى الله عليه وسلم -: ( مَن قام رمضان) ولم يقل من صام وقام، أي: لم يشرط للقيام الصيام.

* قال الإمام النووي: معنى (من قام رمضان إيمانًا) : تصديقًا بأنه حق مقتصد فضيلته، ومعنى (احتسابًا) : أنه يريد الله تعالى؛‌ لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يُخالف الإخلا‌ص.وقوله صلى الله عليه وسلم : ( غُفر له ما تقدَّم من ذنبه) والمعلوم من كلا‌م أهل العلم: أنه لا‌ تُكفَّر سوى الصغائر، وأما الكبائر فلا ‌بد لها من التوبة.

* وحكى ابن عبد البر في كتابه: “التمهيد” إجماعَ المسلمين على ذلك، واستدل عليه بأحاديث، منها ما جاء في الصحيحين، مثل قوله – صلى الله عليه وسلم -: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان – مُكفرات لما بينهنَّ ما اجتنبت الكبائر)).

* ولا تخرج من المسجد عند صلاة التراويح – ياصاحب العذر – حتى ينتهي الإمام، قال عليه الصلاة والسلام (مَن قام مع الإ‌مام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة) الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وهذا الثواب لا يناله إلا من صلى مع الإمام حتى ينتهي من الصلاة كلها، أما من اقتصر على بعض الصلاة ثم انصرف ، فلا يستحق الثواب الموعود به في هذا الحديث ، وهو “قيام ليلة”.

* وكذالك يا صاحب العذر لا تفرط في قام ليلة القدر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)البخاري، ومسلم.

* ففي الحديث دليل على فضل قيام ليلة القدر وهي ليلة عظيمة، شرفها الله تعالى وجعلها خيراً من ألف شهر، في بركتها وبركة العمل الصالح فيها، فهي أفضل من عبادة ألف شهر، وهي تعدل عبادة ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، ولهذا من قامها إيمانا ًواحتساباً غفرت ذنوبه.

الجزيرة اليوم

رئيس التحرير عاصم الأمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى