د. محمد تبيدي يكتب.. الطاهر الخير يواصل انتفاضة ولاية الجزيرة

بعد تحرير مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة منتصف يناير 2025 ضمن عملية عسكرية دقيقة انطلقت من ثلاثة محاور رئيسية، واجهت مليشيا آل دقلو المتمردة هزيمة نكراء أدت إلى انسحابها التام من الولاية، ما مهد لبدء مرحلة البناء وإعادة الإعمار تحت إشراف حكومة الولاية الجديدة برئاسة الأستاذ الطاهر إبراهيم الخير . وأكد الوالي حينها أن تحرير الولاية شكل نقطة تحوّل استراتيجية ستمكّن الولاية من استرجاع أمنها واستقرارها، وعبّر عن حرصه على جعل المرحلة الحالية مرحلة تأسيس يُعتمد فيها على المواطن كركيزة أساسية لأي تنمية مستقبلية .
حرص الطاهر إبراهيم الخير فور توليه مهامه على تعزيز التنسيق بين القوات النظامية والمقاومة الشعبية لضبط الوضع الأمني على طول الطرق الرئيسية والمناطق الريفية التي كانت عرضة للنهب والترويع في فترة وجود المليشيا. وقد رافق الوالي اللجنة الأمنية في جولات تفقدية ميدانية شملت الميناء البري في ود مدني والمحاور المؤدية إلى المناقل، حيث أصدر توجيهات بإزالة المخلفات والأنقاض وتأمين النقاط الحيوية، كما كرّس اللجان المشتركة للمتابعة الدورية لضمان انسيابية حركة المواطنين والبضائع دون معوقات أمنية .
سعى والي الجزيرة إلى إصلاح الجهاز التنفيذي بشكل جذري عبر إصدار عدد من القرارات الإدارية المهمة، كان أبرزها القرار الصادر في 19 مارس 2025 بتعيين الدكتورة عرفة محمود أحمد مديرةً عامةً لوزارة الإنتاج والموارد المائية، والمهندس محمد بابكر مديراً عاماً لوزارة التخطيط العمراني، وغيرهما من القيادات ذات الخبرة التي مكّنته من تكوين فريق عمل متجانس قادر على الانطلاق بسرعة في تنفيذ المشاريع التنموية . كما دعا الوالي أعضاء حكومة الولاية للعمل بقلب رجل واحد وتوحيد الجهود لتسريع عجلة إنجاز المهام ومتابعة الملفات الحيوية عن قرب .
انطلقت في الربع الأول من العام الجاري حملات واسعة لإعادة تأهيل البنية التحتية التي تضررت جراء النزاعات الأخيرة؛ فقد وجّه الوالي بإصلاح الميناء البري في ود مدني وتأهيل رصيف الشحن والتفريغ لتسهيل حركة التجارة الداخلية، وشدّد على أهمية الإسراع في إزالة الأنقاض وإصلاح الأضرار التي لحقت بالمحطة لتعود المؤسسة المينائية إلى سابق عهدها وتستقبل الشاحنات والمواطنين بدون توقف . وبالتوازي، أشرف الوالي على استئناف عمل إدارة الجوازات بمدني في 15 أبريل 2025، ما ساهم في تيسير إصدار الوثائق الرسمية والتصديق على الأوراق للمواطنين دون الحاجة للسفر إلى الخرطوم .
أولى الوالي أهمية كبرى لقضايا النازحين والعائدين من خارج الولاية، فاستقبل خلال الأيام الماضية دفعات جديدة من العائدين من جمهورية مصر العربية، حيث أشرف شخصياً على توفير السكن المؤقت والخدمات الأساسية من غذاء ودواء ونقل، كما زار مراكز الإيواء في المناقل للوقوف على احتياجات الأسر وضمان عودتهم إلى قراهم بكرامة . وأكد الطاهر إبراهيم الخير أن حكومة الولاية ستواصل توفير الرعاية اللازمة للمتضررين من النزوح ودمجهم مجدداً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
في إطار تحفيز القطاع الزراعي الذي يُعد الشريان الاقتصادي للولاية، دشن الوالي حصاد محصول القمح بمعدل إنتاجية تجاوز 30 جوالاً للفدان، مثمناً جهود المزارعين الذين واصلوا العمل رغم ظروف الحرب، ومؤكداً استعداد حكومة الولاية لتوفير كافة المدخلات الزراعية من بذور وأسمدة وخدمات فنية لضمان تحقيق الأمن الغذائي الوطني . كما دعا إلى إطلاق قوافل شاملة للمدخلات الزراعية في المحاور الشرقية والغربية والجنوبية بالتنسيق مع وزارة المالية الاتحادية والأجهزة المختصة لتغطية 300 ألف فدان في الموسم القادم بفاعلية وجودة.
يرى والي الجزيرة أن المرحلة الحالية هي مرحلة البناء الشامل التي تتطلب مقاربة متكاملة تشمل الأمن والخدمات والصحة والزراعة والاقتصاد، مع إشراك المجتمع المدني والشركاء الإقليميين والدوليين لتعبئة الموارد وتحفيز الاستثمارات، والانطلاق نحو تحول اقتصادي واجتماعي يضمن استدامة ما تحقق من إنجازات ويبني على مكتسبات التحرير والاستقرار. ويؤمن الطاهر إبراهيم الخير بأن العمل الجماعي وحسن التخطيط والمراقبة الميدانية سيكونان الضامن الرئيس لاستمرار الزخم التنموي في ولاية الجزيرة.
الجزيرة لازم ترجع لسيرتها الأولى
وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة