منى حمزة تكتب.. يا ضال الطريق ميّل على أهل القرى

 

أغنية شعبية تغنى بها ورددها كل السودانيين بفخر
وشموخ..لأنها تعكس التراث السوداني والموروثات الشعبية
في الريف السوداني..في الضواحي والقرى والبوادي،،،
من كرم أصيل وحسن ضيافة وسماحة عُشرة..وإغاثة ملهوف
وسند محتاج..ونُصرة ضعيف.
وقد اثبتت الحرب العبثية ذلك عندما ميّل كل اهل الخرطوم ومن ثم أهل مدني إلى قرى الجزيرة المضيافة عندما ضل بهم الطريق فقدوا الدليل..وضاقت بهم الأرض الواسعة بل ضاقت
بهم أرواحهم في صدورهم وهم يجزعون لفراق الزكريات في بيوتهم العامرة التى خيم فيها شبح الحرب بلا حول ولا قوة لهم!!!!

فميلوا الى اهل القرى يقصدون الأمان والإطمئنان والرحمة والحنان …وكرم الضيافة وأُنس الخلان،،
ميّل الغني قبل الفقير على أهل القرى وتساوت الكتوف وإنفضح الثراء أمام شموخ وكبيرياء الفقراء وهم يشمرون السواعد ويوقدون [من الوقود]اللدايات [ثلاث حجار كبيرة توقد تحتها النيران للطبخ] ويطبخون الطعام ويلحقوا الجيعان بلقمة وفنجان جبنة…وشربة موية للعطشان وعنقريب هبابي في ضل شجرة للفتران…وكلنا فترنا وتعبنا واثقلت الافكار في مصيرنا المجهول عقولنا..وبلغت أرواحنا الحناجر مابين شهيق وزفير والألم يعصرنا على فراق الديار
وخراب الحال،،،ولكن عند الله الفرج القريب.

ويا ضال الطريق ميّل على أهل  القرى،،،،وقد اهتدينا إلى طريق النجاة عندما لاح لنا قبس قرى الجزيرة لنصرتنا ووجدنا في جزور الأرحام الألفة والحنان…والشفاء للآلام وترياق للأسقام.

 

وجدنا فيها الجد والحبوبة والخالات والعمات والأعمام والخيلان…وجدنا فيها الترحاب والأحباب والرفقة والأصحاب.

وجدنا فيها راحة البال..وسُترت الحال ، ووجد فيها أولادنا معنى الإنتماء ..معنى أن تكون هناك الجزء مع بعضه البعض يصبح كُل والكُل عزوة..وقوة..وعزيمة..وتحدي للصعاب..وقدرة على
الصبر في هذا المصاب الا وهي الحرب.

ميّلنا على أهل القرى بكل ثُقلنا المعنوي الوجداني ..والمادي الحسي..وأخذ أهل القرى ذلك الثٌقل معنا وتقاسمنا حَمله واصبح خفيف نستطيع معهم ان نعبر به الى بر الأمان مع الايام حتى يصبح الصبح لوطن جديد امن يضمنا في رحاب وإن طال أمد الحرب.

ميّلنا على أهل الجزيرة ووجدناهم على العهد والوعد ما استطاعوا …وجدناهم حاضرين عندما غاب تفكيرنا وبصيرتنا، وجدناهم حاضرين ومستعدين بكل خيراتهم المادية وتكافلهم المعنوي.

عندما وقف الملاين مِن من ضل الطريق بهم أمام
حدود دول الجوار لاجئين طالبين الإنتماء لمن لا انتماء لنا بهم  بل لمن بالأمس كنا نقاسمهم الوطن شبراَ شبراَ أرضاً وسماء.

واليوم ضاقت أراضيهم من تحمل أرواحنا التائهة عنا في ظلمات الحرب والتهجير وجهل المصير.. ومن ضل بهم الطريق ووقفوا أمام حدود دول الجوار ولم يرحب بهم بل تركوهم في معسكرات لاجئين تفتقر لضروريات العيش والحياة!

وبالأمس كان سكان تلك الدول في السودان حياتهم..
وياضة ضال الطريق ميّل على أهل القرى فهناك الملاذ الأمن والوطن المصغر في كل ربوع وبوادي السودان لمن يحملون الوطنية في شراينهم دماء تجري.

الجزيرة اليوم

رئيس التحرير عاصم الأمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى