عندما يتحول “صوت الشعب” إلى “صوت الجيب” .. إعلاميون بين مطرقة الإتهام وسندان الواقع!

كتبت:أحلام محمد الفكي

 

 

 

في زمن يزداد فيه الحديث عن مهنية الإعلام ونزاهته، يطفو على السطح اتهام خطير يطارد بعض وجوه الشاشات، وصفحات الجرائد، وموجات الأثير: طلب حوافز مادية نظير البث، الاستضافة، أو النشر لجهات معينة. سؤال يفرض نفسه بقوة: هل تحول “صوت الشعب” إلى “صوت الجيب”؟

وما الذي يدفع إعلاميين يفترض بهم أن يكونوا حراس الحقيقة إلى هذا المنحدر؟
هذا الاتهام، إن صح، يحمل في طياته مغزى عميقاً ويضرب في صميم مصداقية مهنة يفترض بها أن تكون منارة للوعي ومرآة للواقع. فكيف يمكن للمتلقي أن يثق في معلومة أو رأي يعرض عليه، إذا ما راوده الشك بأن هذا العرض جاء نتيجة لمقابل مادي وليس لقناعة مهنية أو خدمة للصالح العام؟
هل هي أزمة قيم أم ضائقة مادية؟

تبرز تساؤلات عدة حول الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك المزعوم:
* ضعف العائد المادي: هل يعاني بعض الإعلاميين من تدني الرواتب والأجور التي يتقاضونها من جهات عملهم الأصلية، مما يدفعهم للبحث عن مصادر دخل إضافية، حتى لو كانت على حساب مبادئ المهنة؟ إذا كان الإعلامي يعيش تحت وطأة ضغوط مادية، فهل يسهل عليه مقاومة إغراءات “الحوافز” التي تعرض عليه؟

* غياب الضمير المهني: هل هي أزمة قيم أخلاقية ومهنية لدى البعض، حيث تتراجع الاعتبارات المهنية أمام الطمع والجشع؟ أم أن ضعف الرقابة الداخلية في بعض المؤسسات الإعلامية يفتح الباب لمثل هذه الممارسات؟

* ثقافة “المجاملات” والتسويق المقنع: هل تحولت بعض أشكال البث والاستضافة والنشر إلى شكل من أشكال التسويق المقنع، حيث يتم تمرير رسائل معينة للجمهور دون الإفصاح عن طبيعتها الترويجية؟
ما بين الاتهام والرفض… أين الحقيقة؟

في خضم هذه الاتهامات، يرتفع صوت الرفض من قبل الكثير من الإعلاميين الشرفاء الذين يؤكدون التزامهم بمبادئ المهنة وأخلاقياتها. فليس من الإنصاف تعميم الاتهام على الجميع. الإعلام، بصفته مرآة للمجتمع، يضم بين صفوفه كفاءات وطاقات تؤمن برسالة المهنة السامية وتعمل بجد للحفاظ على نزاهتها.

ومع ذلك، لا يمكن إغفال وجود خلل قد يؤثر على صورة الإعلام بشكل عام. إن النقاش حول هذا الموضوع لا يجب أن يكون مجرد اتهامات متبادلة، بل فرصة لفتح حوار صريح وشفاف حول التحديات التي يواجهها الإعلاميون، وسبل تعزيز استقلاليتهم المالية والمهنية، وتفعيل آليات الرقابة الذاتية والمؤسسية لضمان عدم تحول المنابر الإعلامية إلى أسواق للمصالح الشخصية.

هل آن الأوان لأن يعيد الإعلاميون والمؤسسات الإعلامية النظر في معايير الشفافية والمساءلة، لتعزيز الثقة المفقودة بين الإعلام وجمهوره؟ أم أننا سنظل ندور في حلقة مفرغة من الاتهامات والإنكار، بينما يستمر “صوت الجيب” في الصدح على حساب “صوت الشعب؟

مع تحياتى

الجزيرة اليوم

رئيس التحرير عاصم الأمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى