الجزيرة الخضراء.. قلب السودان النابض بالأمل والعطاء (الحلقة الثانية)
أحلام محمد الفكي

في خضم التحديات التي يواجهها السودان، تبرز ولاية الجزيرة كمنارة أمل، ومركز ثقل لا يُستهان به في رسم ملامح المستقبل. هذه الولاية، التي طالما عُولت عليها آمال كبيرة، أثبتت بالفعل قدرتها على العطاء والصمود في أحلك الظروف.
لقد استقبلت الجزيرة، في فجر هذه الحرب القاسية، عددًا من الوزارات السودانية، لتكون ملاذًا آمنًا لدفة الحكم والإدارة. ولم تكتفِ بذلك، بل تحولت منطقة حنتوب فيها إلى ميناء جاف حيوي، شريانًا أساسيًا لاستقبال واردات السودان وتصريف صادراته، لتدعم الاقتصاد الوطني في أوقات عصيبة.
لكن العطاء لم يقتصر على الجانب الحكومي والاقتصادي، فالجزيرة فتحت أبوابها وقلوبها على مصراعيها لاستقبال الآلاف من الفارين من جحيم الحرب في الخرطوم. كانت لهم الملجأ الدافئ، والحضن الذي احتواهم في محنتهم، لتضرب أروع الأمثلة في التكافل والإنسانية..
ونحو مستقبل زراعي مزدهر
تتمتع ولاية الجزيرة بمقومات زراعية هائلة، جعلتها دومًا سلة غذاء السودان. ولكن لكي تستعيد أمجادها وتُحقق أقصى إمكاناتها، يجب أن تحظى باهتمام أكبر وتأهيل شامل. إنها ليست مجرد ولاية زراعية ومنتجة، بل هي كنز ينتظر الاستثمار الأمثل.
يتعين علينا أن نولي اهتمامًا بالغًا بإنشاء مصانع حديثة لكافة المنتجات الزراعية، مصانع تضاهي المواصفات العالمية في الجودة والابتكار. فطالما كانت الجزيرة مصدرًا للمحاصيل الوفيرة، فلماذا لا تكون أيضًا مركزًا صناعيًا عالميًا يُصدر منتجاتها ذات الجودة العالية؟
ولنقفز نحو آفاق أوسع، يجب أن نُعيد تفعيل خطط إنشاء مطارات دولية في الجزيرة. هذه المطارات لن تخدم فقط التنمية الاقتصادية والتجارية، بل ستُعزز من مكانة الولاية كمركز حيوي في المنطقة.
ولا يمكننا أن نغفل الدور الأساسي للمزارع، فهو حجر الزاوية في هذا الصرح الزراعي. يجب تقديم كل أشكال الدعم له، من خلال توفير المعدات الزراعية الحديثة والتقنيات المتطورة، لزيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل. لنتذكر جيدًا أن هذه الولاية المعطاءة كانت في يوم من الأيام تُصدر القطن السوداني إلى دول العالم أجمع، وهذا الإرث يجب أن يُستعاد ويُنمى.
إن الجزيرة الخضراء ليست مجرد ولاية سودانية، بل هي قصة خير وعطاء، قصة أمل في مستقبل مزدهر يستحقه هذا الوطن. فهل نُدرك قيمة هذا الكنز ونستثمر فيه بحكمة؟