أحلام محمد الفكي تكتب.. نحو غدٍ أفضل.. بيد أبناء الجزيرة

لطالما ردد السودانيون، وأهل الجزيرة خاصة، تلك الكلمات الخالدة: “في الجزيرة نزرع قطنًا، نزرع نتيرب، نحقق أملنا”. لم تكن مجرد أغانٍ شعبية، بل كانت نبضًا يتردد في الوجدان، دافعًا للعمل، ومحفزًا للأمل في غدٍ أفضل. اليوم، وفي خضم التحديات، تلوح في الأفق فرصة ذهبية لإعادة إحياء هذا الأمل، لا بالترديد فحسب، بل بالتخطيط المستنير، والرؤى الجريئة، والتفكير “خارج الصندوق” لتعود الجزيرة كما كانت وأفضلمنارة للخير والعطاء.
ومن وحي الماضي.. نحو مستقبل مشرق. باذن الله .
إن تاريخ الجزيرة الحافل بالإنتاج والعطاء يمثل حجر الزاوية الذي يجب أن ننطلق منه. لقد كانت الجزيرة سلة خير السودان، ورمزًا للاكتفاء الذاتي والازدهار. هذه الروح المتجذرة في ذاكرة أهلها هي وقودنا للمرحلة المقبلة. لكننا لن نكتفي بالماضي، بل سنستلهم منه الدروس والعبر، ونضيف إليه رؤى عصرية تواكب تحديات اليوم وتطلعات الغد.
ولتحقيق نهضة حقيقية في الجزيرة، يجب أن نتبنى نهجًا متعدد الأبعاد، يلامس كل جوانب الحياة، من الاقتصاد إلى التعليم والصحة والبنية التحتية:
* ثورة زراعية متجددة: لم يعد الاكتفاء بزراعة القطن وحده كافيًا. يجب تنويع المحاصيل الزراعية التى تتلاءم مع المناخ المحلي وتلبي احتياجات السوق. يتطلب ذلك تحديث طرق الري، إدخال التقنيات الزراعية الحديثة، وتوفير الدعم اللازم للمزارعين من بذور محسنة وأسمدة عضوية وتدريب متخصص.
* تصنيع القيمة المضافة
لتعظيم الاستفادة من المنتجات الزراعية
لا بد من إقامة صناعات تحويلية صغيرة ومتوسطة. مصانع لغزل القطن ونسجه والتى كانت من قبل وصيانتها .والاستفادة منها.
لابد من عمل وحدات لتعبئة وتغليف الخضروات والفواكه، مصانع لإنتاج الزيوت النباتية، كلها ستخلق فرص عمل جديدة، وتزيد من القيمة الاقتصادية للمنتجات المحلية.
* بنية تحتية مرنة ومستدامة: إعادة بناء ما دمر ليست مجرد ترميم، بل هي فرصة لإنشاء بنية تحتية أكثر قوة ومرونة. طرق معبدة تربط القرى والمدن، شبكات كهرباء ومياه مستقرة، وتطوير لخدمات الاتصالات الرقمية، كلها أساس لعودة الحياة الطبيعية وجذب الاستثمارات.
* التعليم أساس البناء: الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأمثل. يجب إعادة تأهيل المدارس، وتوفير الكوادر التعليمية المدربة، وإدخال مناهج تعليمية حديثة تركز على المهارات العملية والتفكير النقدي، بما يؤهل الأجيال الجديدة لسوق العمل المتغير.
* الصحة والرفاهية: توفير مراكز صحية مجهزة بالكوادر والأدوية اللازمة، وتنظيم حملات توعية صحية منتظمة، أمر حيوي لضمان سلامة ورفاهية المجتمع، وهو ما ينعكس إيجابًا على الإنتاجية والعمل.
دروس من تجارب النهوض بعد الدمار
لقد شهدت العديد من الولايات والدول تجارب ناجحة في النهوض من تحت الأنقاض بعد فترات من الدمار. يمكن للجزيرة أن تستفيد من هذه التجارب عبر:
* الشراكة المجتمعية الفاعلة: إشراك المجتمع المحلي في كل مراحل التخطيط والتنفيذ، والاستماع إلى احتياجاتهم وتطلعاتهم، يضمن أن تكون الخطط ملائمة للواقع ومستدامة.
* الاستفادة من الخبرات الخارجية: استقطاب الخبراء في مجالات التنمية الزراعية والصناعية وإدارة الأزمات يمكن أن يقدم رؤى قيمة وحلولاً مبتكرة.
* الشفافية والحوكمة الرشيدة: ضمان الشفافية في إدارة الموارد، ومحاربة الفساد، وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة، يساهم في بناء الثقة وجذب الاستثمارات.
* الدعم النفسي والاجتماعي:
لا يقل إعادة بناء الأرواح أهمية عن إعادة بناء المباني. توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين يساعدهم على تجاوز المحنة واستعادة الأمل.
إن “الجزيرة الخير” ليست مجرد شعار، بل هي رؤية لمستقبل مشرق يمكن تحقيقه بسواعد أبنائها المخلصين، وعقولهم النيرة، وإصرارهم على تحدي الصعاب. والتفكير “خارج الصندوق” يعني أن نبتكر حلولاً جديدة لمشكلات قديمة، وأن ننظر إلى الأزمة كفرصة للتغيير والتطوير.
دعونا نعمل معًا، حكومة ومجتمع مدني وقطاع خاص، لإعادة نبض الحياة إلى الجزيرة. لنجعل من كل بذرة نزرعها، وكل حجر نضعه، وكل فكرة نطلقها، خطوة نحو تحقيق ذلك الأمل الذي طالما تغنى به أجدادنا. فالأرض الطيبة، والعزيمة الصادقة، كفيلان بأن تزهر الجزيرة من جديد، وتصبح درة السودان، ورمزًا للنهوض من رماد التحديات.
مع تحياتى 🌹