سرديات
الزاكي عبد الحميد أحمد
*”قال أخرقتَها لتغرقَ أهلَها لقد جئت شيئا إمرا”*
بلا ساقين تحملانه؛
ولا ساعدين يعينانه؛
جاء..
اعتلى المنصة بلا ساقين تحملانه ولا ساعدين يعينانه..
ولكن كيف؟
تساءل لساني والعين عبرى بما ترى!
فتقاصرتُ؛ أمام المشهد؛ دهشةً؛ كقزم أمام عملاق!
كان صباحا ممطرا..
السماء تسربلت بلون رمادي يكاد يخنق نفَس الضوء..
كان اول يوم تعتب قدماي أرض مدرسة..كنت دون السادسة من العمر..
رمقني مدير المدرسة الحكومية بنظرة؛ قالت لي؛ بأن لا مكان لي بين طلاب مدرسته…
حزنت أمي كثيراً؛ فقررت الانتحار؛ لئلا اكون عبئا على أهلي..غير أن قصيدة أجابت على الكثير من أسئلتي :
لِمَ خُلِقتُ بلا ساقين وبلا ذراعين؟ لِمَ لم أخلق كبقية خلق الله؟
القصيدة انتشلنتني من وهدة احباطاتي ولولاها لكنت اليوم نسيا منسيا ولما خاطبت جمعكم الكريم في هذه القاعة الفخمة..
هذا *نيكولاس جيمس فيوتش*..
حالةٌ مرضيةٌ نادرةُ الحدوث، هكذا قال العارفون، وقالت الدراسات التي أجريت، إنها تحدثُ مرةً واحدةً بين كل ٧١ ألف حالة حمل..وحين اكتشف صاحبنا مآلات حالته هذه، قرر الانتحار أكثر من مرة..
*الحياةُ بلا اطراف*
Life Without Limbs
كان عنوان محاضرة لبّيتُ دعوتَها، في العاصمة العاصمة العمانية، ذات مساء، خلال سنوات الاغتراب..
*حياة بلا اطراف*! شدّني العنوان إلى المحاضرة، فما ترددتُ في تلبية الدعوة، التي وصلتني من مجموعة من الرجال والنساء من جنسيات مختلفة، تلتقي من وقت لآخر للحديث عن المُلهِمات والملهِمين ومصادر الالهام وللمؤانسة عامة…
كانت قاعة المؤتمرات في فندق مسقط انتركونتيننتال Muscat Intercontinental Hotel
مكتظة بالناس؛ اوربيون، آسيويون، خليجيون وافارقة وعرب من مختلف الاعمار..
في الساعة السابعة اُعلِن عن بداية المحاضرة..اخذتُ مكاني في احد المقاعد الخلفية..
ثم جاء المحاضر، ولكن بلا ساقين يمشي عليهما ولا يدين تعينانُه..
نعم، رجل في منتصف عقده الثالث من العمر، وكان بلا اطراف..بلا ساقين وبلا يدين..
المشهد أثار فضولي أكثر..
اعتلى المنصة زاحفاً..
وأخذ يحكي..
يتقن فن الخطابة والاقناع كأحسن ما يكون الخطيب المفوّه ساعة التجلّي..
حكى كيف أنه وُلد بلا اطراف، في حالة طبية نادرة، تعرف بمتلازمة انعدام الاطراف الأربعة
Tetra-amelia syndrome..
حالته هذه دفعته للتفكير في الانتحار اكثر من مرة..كان حسب قوله عبئا على اسرته خاصة بعد أن مُنع من الالتحاق بالمدارس العامة..ولكن والدته الحقته بمدرسة خاصة قرب مسكنه فتفوق..نال درجته الجامعية في المحاسبة والتخطيط المالي بامتياز..
اسمه نيكولاس فيوتش
Nicholas James Vuicic
ويعرف ب *المُلهِم* على مستوى العالم
*The Most Renowned* *Motivational Speaker On Earth*..
كان أكثر ما شدني في حديثه، وهو يحكي عن مراحل الاحباط والتفاؤل، في مشواره، قولُه إن سبب انتقاله من حالة اليأس، إلى حالة التفاؤل والامل، كان قصيدةً..نعم قصيدة، قرأها مرات ومرات فكانت من الاسباب التي غيرت مسار حياته، وجعلته مبشراً كنسياً ينشر المحبة والسلام بين الناس..
تناولت القصيدة جدلية الخير والشر..
لم خلق الخالق الخيرَ ثم جاء بالشر؟
لم خلق النمرَ المفترسَ وخلق الحملَ الوديعَ؟
لِمَ تبدأ حياة الإنسان بريئة في مرحلة الطفولة ثم يتطور الإنسان إلى كائن شرير؟
القصيدة المعنية ألفها شاعر انجليزي، كان من رواد الحركة الرومانتيكية في الشعر الانجليزي، اسمه ويليام بليك، William Blake..وجاءت بعنوان *تايقر* Tyger أي النمر..
لهذا الشاعر الانجليزي المتدين قصائد تأتي في شقين:
اهازيج البراءة (الخير) ويرمز إليها بالحمل الوديع وأهازيج التجربة (الشر) ويرمز اليها بالنمر..
درسنا نماذج من اهازيج *البراءة واهازيج التجربة* لويليام بليك ضمن مقرر الأدب الانجليزي في جامعة الخرطوم في مطلع سبعينيات القرن الماضي..ولكني لم استوعب، كما ينبغي، أبعاد ما يرمي إليه الشاعر من رمزية النمر والحمل..لم يألُ أستاذي الموقر البروف محمد عبد الحي جهدا في الاسهاب في الشرح من علمه الدفاق؛ ولكن مارد الشباب كان يلهو بنا ويأخذنا بعيدا عن المحاضرة ..ندمنا؛ ولات ساعة مندم!
تعد مجموعة “أهازيج البراءة” Songs of Innocence (1789) و”أهازيج التجربة” (1794) Songs of Experience لويليام بليك مجموعتين شعريتين متناقضتين؛ تستكشفان جوانب مختلفة من الحالة الإنسانية – إحداهما من منظور البراءة والنقاء والطفولة، والأخرى من منظور الخبرة والفساد اللذين يلازمان الانسان حين يتجاوز مرحلة الطفولة…
تقدم أهازيج البراءة عالماً يُرى من خلال عيون طفل، عالم مليء بالنقاء والفرح والانسجام مع الطبيعة. غالبًا ما تركز القصائد على مواضيع الحب الإلهي والجمال والخير المتأصل في العالم. وترتبط البراءة برؤية بسيطة، غير ملوثة، للعالم..
في أهازيج البراءة يسأل الشاعر الحمل (رمز البراءة) مَن خلقه؟
ومن ناحية أخرى، تعكس “أهازيج التجربة” الجانب المظلم والأكثر تعقيدًا في الحياة – جانب مليء بالمعاناة والفساد وفقدان البراءة. في هذه القصائد، يواجه بليك واقع الوجود البشري، بما في ذلك الفقر والاضهاد والفساد وغيرها..ويرمز لهذا الجانب من الحياة ب (النمر) تجسيدا لحياة العنف والشر..فيوجه اليه نفس السؤال:
مَن خلقك؟
اهو الله الذي خلق الحمل الوديع؟ لِمَ خلق الله الخير والشر اذن؟ لِمَ خلق الحمل الوديع وخلق النمرالقاتل؟
يتميز عمل بليك بدمج هاتين الرؤيتين في رؤية موحدة للتجربة الإنسانية، مما يقترح أن البراءة والتجربة معًا هما الأساس لفهم تعقيدات الحياة!
ضيفُنا القِعِّيد قال إن التأمل في الأسئلة التي طرحها الشاعر على النمر قبل بلوغه سن العاشرة، ومقارنتها مع نفس الأسئلة التي طرحها عن الحمل؛ جعل منه مسيحيا ملتزما، ومبشرا بالدين المسيحي حول العالم، يسعى بكلِّ ما أوتيَ من امكانات إلى تقريب الناس إلى الخالق وعدم التعالي والاستكبار بقوةٍ او عظمةٍ لا يدٌ له في مكمنها..
وقال إن الإجابة على سؤال *لِمَ خلق الله الخير والشر* موجودة في كل الأديان السماوية؛ اليهودية والمسيحية والاسلام..
وبحثاً عن الإجابة المعنية في الاسلام حملت جهلي وذهبت به لشيخ مصري اسمه الشيخ محمد النادي ..رجل غاية في الحِجى والرزانة والعلم ؛ كان يؤمنا في صلاة الجمعة في مسجد أسماء بنت ابي بكر في العاصمة العمانية..
قال لي عليك بقصة *الخضر وموسى* عليهما السلام..
لم يزد الشيخ على ما قال شيئا!
فتركني تائها؛ لعله أدرك فجوة جهلي واتساع رقعتها فأرادني أن أبحث وأتأمل ..
ثم كان مقال ماتع جاءني في قروب واتساب يضمني مع اعضاء لهم باع أطول في أمور الدين..
المقال؛ والذي جاءني بدون ان يُذكر فيه اسم كاتبه؛ أجاب عما كنت ابحث عنه من تفاصيل لقصة الخضر وموسى عليهما السلام…
لماذا كل هذا الإصرار من سيدنا موسى عليه السلام على بلوغ المكان الذي سيلاقي فيه سيدنا الخضر عليه السلام؟ هكذا بدأ المقال.
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ﴾..
هذا اصرار: لا أبرح حتى..!
و لماذا سيدنا موسى تحديدا الذي قُدِّر له من بين جميع الأنبياء و الرسل أن يقابل سيدنا الخضر الأكثر علما و رحمة؟
كاتب المقال يسأل ويجيب:
الأكيد أن هذه القصة تحديدا تختلف تماما عن كل القصص ، قصة موسى و العبد الصالح لم تكن كغيرها من القصص لماذا ؟
لأن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب ، و ليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي ، إنما نحن في هذه القصة أمام علم من طبيعة أخرى غامضة أشد الغموض..
علم *القدر الأعلى* علم أُسدِلت عليه الأستار الكثيفة ، كما أُسدِلت على مكان اللقاء و زمانه و حتى الإسم لا يذكر؛ فقط يقول الله عز جلاله ﴿ عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا ﴾ …إنه لقاء استثنائي!!
لأنه يجيب على أصعب سؤال يدور في النفس البشرية منذ خلق الله آدم إلى أن يرث الله الأرض و ما عليها..
السؤال هو :
*لماذا خلق الله الشر و الفقر والمعاناة والحروب والأمراض*؟
*لماذا يموت الأطفال*؟
*كيف يعمل القدر*؟
البعض يذهب إلى أن *العبد الصالح* لم يكن إلا تجسيدا للقدر
المتكلم The Talking Fate لعله يرشدنا ﴿فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً﴾
أهم مواصفات القدر المتكلم أنه رحيم عليم أي أن الرحمة سبقت العلم..
*موسى* النبي البشر يقول :
﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ﴾ ؟
يرد *القدر المتكلم* ( الخضر ) :
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾ ﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ﴾ فهم أقدار الله فوق امكانيات العقل البشري؛ إنك يا موسى لن تصبر على التناقضات التي تراها…!!!
يرد موسى بكل فضول البشر :
﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ﴾
هنا تبدأ أهم رحلة توضح لنا كيف يعمل القدر؟
يركبا في قارب المساكين فيخرق الخضر القارب ..
تخيل المعاناة الرهيبة التي حدثت للمساكين في القارب المثقوب ..
معاناة ، ألم ، رعب ، خوف ، تضرع .
خوفٌ جعل موسى (البشر) يقول
﴿ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ﴾ ..
عتاب (بشري) للقدر كما نفعل نحن تماما؛ *أخلقتني بلا ذرية كي تشمت بي الناس*؟ *أفصلتني من عملي كي أصبح فقيرا*؟ *أزحتني عن الحكم ليشمت بي الأراذل*؟ *يارب لماذا كل هذه السنوات في السجن* ؟
*يارب أنستحق هذه المهانة* ؟
﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾ ألم أقل لك ياموسى إنك أقل من أن تفهم الأقدار ؟
ثم يمضيا بعد تعهد جديد من موسى بالصبر .. يمضي الرجلان .. و يقوم الخضر الذي وصفه ربنا بالرحمة قبل العلم بقتل الغلام .. و يمضي ..
فيزداد غضب موسى عليه السلام النبي الذي يأتيه الوحي و يعاتب بلهجة أشد .. ﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾
تحول من (إمراً) إلى (نكراً) و الكلام صادر عن نبي أوحي إليه..
لكنه بشر مثلنا ..
و يعيش نفس حيرتنا ..
يؤكد له الخضر مرة أخرى
﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾
ثم يمضيا بعد تعهد أخير من موسى كليم الله بأن يصمت و لا يسأل ..
فيذهبان إلى القرية فيبني الخضر الجدار ليحمي كنز اليتامى ..
و هنا ينفجر موسى ..
فيجيبه مَن سخّره ربُّه ليحكي لنا *حكمة القدر*:
﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرا ً﴾
هنا تتجلى حكمة الإله و التي لن تفهم بعضها حتى يوم القيامة ..
الشر نسبي ..
و مفهومنا كبشر عن الشر قاصر؛
لأننا لا نرى الصور الكاملة ..
يا الله!
صاحب المقال الرائع يقول:
القدر أنواع ثلاثة:
شرٌ تراه؛ فتحسبه شرا؛ فيكشفه الله لك أنه كان خيرا؛ فما بدا شرا لأصحاب القارب اتضح أنه خير لهم
و هذا هو *النوع الأول*..
*النوع الثاني* من القدر هو ما جاء في سياق *قتل الغلام* ..
شرٌ تراه فتحسبه شرا ..
لكنه في الحقيقة خير ..
لكن لن يكشفه الله لك طوال حياتك
فتعيش عمرك و أنت تحسبه شرا..
هل عرفتْ *أم الغلام* حقيقة ما حدث؟
هل أخبرها الخضر؟
الجواب لا ..
بالتأكيد قلبها انفطر و أمضت الليالي الطويلة حزنا على هذا الغلام الذي ربته سنينا في حجرها ليأتي رجل غريب يقتله و يمضي .. و بالتأكيد .. هي لم تستطع أبدا أن تعرف أن الطفل الثاني كان تعويضا عن الأول..
وأن الأول كان سيكون سيئا
﴿فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً﴾
فهنا نحن أمام شر مستطير حدث للأم ولم تستطع تفسيره أبدا ولن تفهم أم الغلام أبدا حقيقة ما حدث إلى يوم القيامة.. نحن الذين نمر على المشهد مرور الكرام لأننا نعرف فقط لماذا فعل الخضر ذلك؟ أما هي؛ فلم ولن تعرف..!
*النوع الثالث* من القدر و هو الأهم:
هو الشر الذي يصرفه الله عنك دون أن تدري لطف الله الخفي ..
الخير الذي يسوقه لك الله و لم تره
و لن تراه، و لن تعلمه ..
هل اليتامى أبناء الرجل الصالح عرفوا أن الجدار كان سيهدم ؟
لا..
هل عرفوا أن الله أرسل لهم مَن يبنيه ؟
لا..
هل شاهدوا لطف الله الخفي ..
الجواب قطعا لا..
هل فهم موسى السر من بناء الجدار؟
لا ..
فلنعد سويا إلى كلمة الخضر ( القدر المتكلم ) الأولى : ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾ لن تستطيع أيها الإنسان أن تفهم أقدار الله .. الصورة أكبر من عقلك ..
استعن بلطف الله الخفي لتصبر على أقداره التي لا تفهمهما و ثق في ربك فإن قدرك كله خير ..
و قُل في نفسك.. أنا لا أفهم أقدار الله .. لكنني متسق مع ذاتي و متصالح مع حقيقة أنني لا أفهمها ..
لكنني موقن كما الراسخون في العلم أنه كل من عند ربنا..
يمضي صاحب المقال ناصحاً:
إذا وصلت أيها الإنسان لهذه المرحلة ستصل لأعلى مراحل الإيمان .. الطمأنينة ..
هكذا قال كاتب المقال فعلمني ما لا أعلم..
و هذه هي الحالة التي لا يهتز فيها الإنسان لأي قدر من أقدار الله خيراً بدت أم شراً .. و يحمد الله على كل حال ..
حينها فقط سينطبق عليك كلام الله
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾
حتى يقول .. ﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾..!
شكرا لصاحب المقال وشكرا للملهِم *نيكولاس جيمس غيوتش* فلولاه لما عرفت ما عرفت ولما ازددت جهلا على جهلي..!
*خاتمة*:
كتابٌ للشاعر أدونيس صدر بعنوان:
*الصوفية والسوريالية*..!
إنه عنوانٌ قد يثير استنكاراً، او على الاقل، اعتراضا، لا من الاشخاص الذين يُعنون بالسوريالية وحدهم، وإنما اولئك الذين يُعنون بالصوفية.. وسواء كانت هذه العناية، في الجانبين، سلبيةً أو ايجابيةً، فإن الجمعَ بين هذين الاتجاهين قد يكون موضع استغراب..
والاعتراض الأساسي الذي يمكن أن ينشأ هو أن *الصوفية* تدَيّنٌ وأنها تتجه نحو الخلاص الديني، بينما *السوريالية* حركة الحادية ولا تهدف الى اي خلاص سماوي، فكيف يمكن ان يجمع ادونيس بين متدين وملحد؟
يجيب ادونيس على التساؤل:
هذا اعتراض صحيح، ظاهريا: غير أنه لا يلغي عمقيا، إمكان التقارب أو إمكان التلاقي في نقاط عدة، على الطريق التي تسلكها معرفيا، كل من الصوفية والسوريالية…