ياسر الفادني يكتب …. الجزيرة… ولاية تُعيد ترتيب الصفوف وتكتب بداية جديدة

وسط عواصف تتقاذف البلاد، كانت الجزيرة تُعيد لملامح الدولة معناها، اجتماع حكومة الولاية الأخير لم يكن مجرد استعراض تقارير، بل خريطة طريق لإنقاذ ولاية اختارت أن لا تكون مجرد متفرج على سقوط الوطن، بل رقماً صعباً في معادلة استقراره
الوالي الطاهر إبراهيم الخير لم يتحدث عن “عبور” في فراغ، بل دعا إلى قلبٍ واحد ينبض بالفعل لا بالخطابة، إلى خطط إسعافية تبدأ من الشارع ولا تنتهي عند المكتب ، ما طُرح لم يكن شعارات، بل برامج قصيرة وطويلة المدى، تبدأ من مبادرات شعبية وتنتهي بإستقطاب دعم مجتمعي، وكلها تتجه لهدف واحد: إعادة بناء الولاية على أساس القوة لا الحاجة
في المالية، كانت الأرقام تتكلم بلسان الحقيقة: 37 عربة مفقودة، أجهزة وأثاثات منهوبة، ومع ذلك تُضخ 8.8 مليار جنيه لدعم المجهود الحربي والطوارئ والتطبيع، تأكيداً على أن الدولة لن تتخلى عن دورها مهما ثقل العبء
أما في البنية التحتية، أعلن مدير التخطيط العمراني عن مشاريع بقيمة 5.5 مليار جنيه خلال الربع الأول وحده، مما يعني أن البناء يمضي بالتوازي مع التصدي للأزمة
في القطاع الصحي، الوضع ليس مثالياً، لكنه يتحرك بثقة. أكثر من 700 مركز صحي يعمل داخل الولاية، وخطة إسعافية لسد العجز في الكوادر انطلقت فعلاً، بمساندة من جهاز الأمن والشرطة وكتيبة الإسناد المدني، في وقت تستقر فيه الإمدادات الدوائية ويُطالب فيه بزيادة الإنفاق على الصحة، لا تقليصه
الزراعة بدورها تعود تدريجياً إلى الحياة. عرفة محمود لم تطرح وعوداً، بل خطوات واضحة لإحياء القطاع النيلي، زراعة الأشجار المثمرة، وتفعيل إدارات الزراعة في المحليات. إنها بداية لتحرير الأمن الغذائي من قبضة الأزمات
التعليم ما زال يقاوم، لا بالشكاوى، بل بالالتزام. المدارس تعمل في كل المحليات، والتسجيل لامتحانات الشهادة السودانية مستمر لكل طلاب الولاية ، والمناشدة لفتح باب التوظيف للمعلمين ليست طلباً، بل ضرورة وطنية
الرياضة أيضاً على الخريطة ، الولاية تشارك في دورة الكرامة، وثلاثة أندية تمثلها في الدوري الممتاز، فيما يُجهز استاد مدني لاستقبال مباريات التنافس الوطني، في زمن الحرب، تبقى الروح الرياضية نافذة نور ومصدر تماسك
مصنع الأطراف الصناعية سوف يعود للعمل، ومراكز تنمية المرأة تُفعّل من جديد، الرعاية الاجتماعية لم تعد هامشاً، بل جبهة تعافي تُعيد للأفراد كرامتهم عبر التمكين لا التسكين
وختاماً، الإعلام يعيد تعريف دوره، لا شعارات مكرورة، بل توثيق حقيقي لانتصارات معركة الكرامة، إعادة تشغيل إذاعة مدني، كشف انتهاكات المليشيات، وتوحيد الخطاب الإعلامي في زمن كثُر فيه التزييف، إنه إعلام مقاوم، يفضح ولا يهادن، يوحّد ولا يُشتّت
الجزيرة اليوم تكتب صفحة مختلفة، ليست بلا ألم، لكنها أيضاً ليست بلا أمل ، ولاية تنهض من تحت الركام، لا لتستجدي الحياة، بل لتصنعها، وتُثبت أن التحديات الكبرى لا تهزم من يعمل بقلب رجل واحد.